الكاتبة: إيمان صبحي السمين
في خطوة تعكس التقدم المتسارع في توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي لخدمة المجتمعات، قدّم مجموعة من طلاب قسم الذكاء الاصطناعي بكلية الحاسبات والمعلومات – جامعة المنوفية، مشروع تخرج يُعدّ من أبرز الابتكارات في مجال المدن الذكية واستجابة الطوارئ. المشروع يعتمد على تكنولوجيا التوأم الرقمي بهدف تقليل أوقات الاستجابة لحالات الطوارئ في المدن الكبرى، وتحسين كفاءة الخدمات المقدمة.
تم تنفيذ المشروع بواسطة الطلاب : عبد القادر فتحي – مهندس نظم ذك، شهد عبد الفتاح – مهندسة نظم ذكية، نورهان يحيى – مهندسة نظم ذكية، مريم أحمد العبد – متخصصة في الأمن السيبراني، ندى السيد سويلم – متخصصة في الذكاء الآلي، محمد النجار – مهندس نظم ذكية، أحمد بلال محمود – مهندس نظم ذكية
فريق العمل أثناء عرض مشروع التوأم الرقمي، حيث يوضح النموذج كيفية تحسين إدارة الطوارئ في المدن الذكية.
يرتكز المشروع على استخدام التوأم الرقمي – وهو نموذج افتراضي يحاكي المدينة الحقيقية – لتحليل البيانات الحية مثل حركة المرور وحالة الطرق والمرافق، لتوجيه فرق الطوارئ بشكل أكثر كفاءة وسرعة. هذا يتيح للسلطات التغلب على التحديات التقليدية كازدحام الطرق وتأخر الاستجابة، ويُحدث نقلة نوعية في سرعة الإنقاذ وتقليل الخسائر.
يهدف المشروع إلي تقليل أوقات الاستجابة لحالات الطوارئ لتصل إلى أقل من 8 دقائق، تحسين توزيع الموارد البشرية والمعدات بشكل ذكي، تقديم دعم لحظي مبني على بيانات حية، تعزيز التكامل بين فرق الطوارئ والتقنيات الذكية، تطوير نموذج رقمي يمكن تطبيقه في مدن أخرى.

نموذج لمجسم مدينة ذكية يعتمد على تقنية التوأم الرقمي لتحليل البيانات الحية وتسهيل اتخاذ القرار في حالات الطوارئ.
وتشير الإحصاءات إلى أن أوقات الاستجابة للطوارئ ارتفعت في العديد من المدن حول العالم. ففي نيو أورليانز الأمريكية، قفز متوسط زمن الاستجابة من 51 دقيقة عام 2019 إلى 146 دقيقة مؤخرًا. هذه الأرقام تبرر الحاجة الملحة لتقنيات حديثة مثل التوأم الرقمي لمعالجة هذه الأزمة.
اعتمد الفريق في تنفيذ مشروع “التوأم الرقمي لتحسين استجابة الطوارئ” على منهجية علمية دقيقة، بدأت بجمع وتحليل بيانات واقعية لتحديد أبرز التحديات التي تواجه المدن في الاستجابة لحالات الطوارئ. بعد ذلك، قام الفريق بتصميم نموذج التوأم الرقمي، والذي يحاكي البنية التحتية للمدينة ويُغذى بالبيانات الحية لحظة بلحظة.
تم تطوير خوارزميات ذكية قادرة على تحليل هذه البيانات لتحديد أفضل الطرق وتوزيع فرق الطوارئ بكفاءة. وقد خضع النموذج لاختبارات في سيناريوهات واقعية، بهدف تقييم سرعة الاستجابة ودقتها. أظهرت النتائج تحسنًا ملحوظًا في الأداء، مما يفتح الباب أمام توسيع نطاق المشروع وتطبيقه في مدن أخرى، مع إمكانية تخصيصه وفقًا لاحتياجات كل مدينة.
وفقًا لما توصل إليه فريق العمل، يُتوقع أن يُحدث تطبيق هذا المشروع تحولًا جذريًا في مجال استجابة خدمات الطوارئ داخل المدن الذكية. إذ يُتوقع أن يسهم النظام في تقليل زمن استجابة سيارات الإسعاف والإطفاء والشرطة بشكل ملحوظ، مما يُعزز من فرص إنقاذ الأرواح وتقليل حجم الخسائر.
كما سيساعد المشروع على تحقيق تنسيق فعّال بين وحدات الطوارئ والسلطات المحلية، ما يؤدي إلى تنظيم الجهود وتجنب التداخل أو التأخير في الاستجابة. ومن أبرز ما يُنتظر تحقيقه أيضًا هو تقليل الخسائر البشرية والمادية الناتجة عن تأخر التدخل، خاصة في الحوادث الحرجة أو الكوارث الكبرى.
ويُعد النموذج المطوّر من قبل الطلاب نموذجًا تطبيقيًا قابلًا للتنفيذ في مختلف المدن الذكية المستقبلية، مع إمكانية تخصيصه وتطويره ليتناسب مع احتياجات كل مدينة وظروفها الخاصة.
في عالمٍ تتسارع فيه وتيرة الأزمات والتحديات، لم يعد الاعتماد على الأساليب التقليدية في إدارة الطوارئ كافيًا. ويأتي مشروع “التوأم الرقمي لتحسين استجابة الطوارئ” ليؤكد أن الابتكار لم يعد خيارًا، بل ضرورة. فقد أثبت هذا النموذج الذكي قدرته على إحداث فارق حقيقي في زمن الاستجابة ودقة التدخل، ما يعكس مستقبلًا واعدًا لمدن أكثر ذكاءً وأمانًا. ومع تبنّي مثل هذه المبادرات الطموحة، تقترب المجتمعات من تحقيق منظومة طوارئ متكاملة، قادرة على حماية الأرواح وتجاوز الأزمات بكفاءة عالية.