حوار / مها جمعه
“المقطر الشمسى لتحليه المياه”

في زيارة ميدانية لكلية الهندسة بجامعة كفر الشيخ، كان لي شرف لقاء الدكتور سويلم شرشير، أستاذ الهندسة ومبتكر جهاز “المقطر الشمسي”، أحد الابتكارات البيئية الواعدة في مجال تحلية المياه باستخدام الطاقة الشمسية. خلال لقائي به، كشف لي عن تفاصيل هذا الاختراع، وإمكاناته كحل عملي لمشكلة ندرة المياه، لا سيّما في المناطق القاحلة والبعيدة عن مصادر المياه النظيفة.
وإليكم نص الحوار:
د. سويلم، حضرتك صاحب اختراع المقطر الشمسي. هل يمكنك أن تشرح فكرته بشكل مبسط للقارئ العادي؟
بكل تأكيد. يقوم المقطر الشمسي على فكرة التبخير والتكثيف، تمامًا كما يحدث في دورة الماء الطبيعية. إذ نعرض المياه الملوثة أو المالحة لأشعة الشمس، فتمر بمرحلة التبخر، وعندما يلامس البخار سطحًا باردًا يتكثف مجددًا، ويتحوّل إلى مياه نقية صالحة للشرب.
ما المكونات الأساسية للجهاز؟
يتكوّن الجهاز من حوض أو وعاء توضع فيه المياه، ويُغطى بغطاء شفاف يسمح بمرور أشعة الشمس. في قاع الحوض، نضع سطحًا داكن اللون ليساعد على امتصاص الحرارة. يتكثف البخار على السطح الداخلي للغطاء الشفاف، ومن ثم يتجمع في قنوات أو فتحات صغيرة يمكننا من خلالها جمع المياه العذبة.
هل للجهاز تصميم واحد أم أن هناك نماذج متعددة؟
هناك أكثر من تصميم. فبالإضافة إلى الشكل التقليدي، يوجد تصميم آخر على هيئة هرم، يساعد في تحسين عملية التكثيف وزيادة الإنتاج. نختار التصميم المناسب بحسب طبيعة المكان واحتياجاته.
ما الأماكن الأنسب لاستخدام الجهاز؟
الجهاز مثالي في المناطق التي تتمتع بشمس قوية ودرجات حرارة مرتفعة، مثل الصحارى أو القرى النائية التي تفتقر إلى محطات التحلية أو مصادر المياه النقية. كما أن الجهاز سهل التركيب، ويمكن تصنيعه من خامات بسيطة.
ما أبرز الفوائد التي قد تعود على المجتمع من استخدام هذا الجهاز؟
أولاً، نوفر مياه شرب آمنة دون الحاجة إلى كهرباء أو معدات معقدة. وثانيًا، نُسهم في حماية البيئة لأنه لا يُنتج أي ملوثات. وهذا يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة، خاصة في المناطق المحرومة.
هل هناك تحديات أو عوائق تحد من فعالية الجهاز؟
نعم، فاعتماد الجهاز على أشعة الشمس يجعله أقل كفاءة في الأيام الممطرة أو الغائمة. كما أن كمية المياه التي يُنتجها محدودة، لذا لا يصلح للاستخدامات الكبيرة أو الصناعية. ولكنه مناسب جدًا للمنازل أو القرى الصغيرة.
هل هناك خطط لتطوير الجهاز مستقبلاً؟
نعمل على تحسين التصميمات لزيادة الكفاءة، ونفكر في دمج تقنيات حديثة، مثل استخدام عدسات لتركيز أشعة الشمس ورفع درجة الحرارة لتسريع التبخر. كما نتعاون مع طلاب ومهندسين شباب لتطوير نماذج قابلة للتطبيق في بيئات متنوعة.
ما دور الدولة في دعم مثل هذه المشروعات؟
دعم الدولة له دور محوري، سواء عبر تمويل الأبحاث أو توفير فرص لتجريب الجهاز في أماكن حقيقية. كما أن التوعية بأهمية هذه التكنولوجيا البسيطة من شأنها تشجيع الناس على استخدامها وتبنّيها.
وأخيرًا، ما هي نصيحتك للمواطنين بشأن ترشيد استهلاك المياه والبحث عن حلول بديلة؟
أنصح الجميع بأن يكونوا جزءًا من الحل، لا مجرد مستهلكين. يمكن لأي شخص أن يبدأ بفكرة بسيطة، مثل هذا الابتكار، ويسهم في مواجهة أزمة المياه. علينا تغيير ثقافتنا تجاه استهلاك المياه، وتشجيع ودعم الابتكارات المحلية.