حوار خاص مع الدكتور عمرو العوامري، المشرف على مشروع “إدارة الطاقة باستخدام تقنية مراقبة الأحمال غير التداخلية” بجامعة بنها
أجرى الحوار: امل محمد الحواط
في ظل التوجه العالمي نحو الرقمنة والاستدامة، أصبحت مشاريع التخرج الجامعية فرصة حقيقية لابتكار حلول تطبيقية تواكب احتياجات المجتمع وسوق العمل. وفي هذا الإطار، التقى (اسم الصحفي) بالدكتور عمرو العوامري، المشرف على مشروع تخرج طالبات قسم الاتصالات والحاسبات – كلية الهندسة بجامعة بنها، تحت عنوان “إدارة الطاقة باستخدام تقنية مراقبة الأحمال غير التداخلية (NILM)”.
ما الذي يميز هذا المشروع عن غيره من مشاريع إدارة الطاقة؟
ما يميز المشروع هو اعتماده على تقنية NILM، وهي تقنية ذكية تسمح بقراءة استهلاك الأجهزة الكهربائية من نقطة واحدة فقط، دون الحاجة إلى تركيب حساسات منفصلة على كل جهاز. هذه الطريقة تحقق وفراً في التكلفة، وتُسهّل تطبيقها في المنازل والمنشآت. كما استخدم المشروع مسارات V-I بشكل بصري متطور مع خوارزميات تعلم عميق، مما عزز الدقة في التعرف على الأجهزة وكفاءة التمييز بينها.
كيف تساهم هذه التقنية في تحسين كفاءة الطاقة؟
بمجرد أن يتعرف النظام بدقة على الأجهزة وأنماط استخدامها، يمكنه تنبيه المستخدم إلى أي استهلاك غير طبيعي، أو توجيه ترشيد الاستخدام خاصة في أوقات الذروة. هذا يساهم في خفض فواتير الكهرباء بشكل ملحوظ، ويحسّن من توزيع الأحمال على الشبكة الكهربائية الوطنية.
ما أهم التحديات التقنية التي واجهها الفريق أثناء التنفيذ؟
من أبرز التحديات كانت الحاجة إلى تردد أخذ عينات مرتفع للحصول على توقيعات دقيقة من بيانات الجهد والتيار، وهو ما تطلب أجهزة قياس متقدمة. كذلك، عملية تحديد توقيتات تبديل الأجهزة تتطلب خوارزميات دقيقة جدًا، وده كان تحديًا فنيًا تعامل معه الفريق بمجهود كبير في التجريب والتطوير.
في التقرير ذكرتم استخدام قاعدة بيانات PLAID.. لماذا وقع الاختيار عليها تحديدًا؟
قاعدة بيانات PLAID تُعد من أفضل قواعد البيانات في هذا المجال لأنها توفر قياسات جهد وتيار عالية التردد، وتضم بيانات مفصلة لأنواع متعددة من الأجهزة. وهذا ساعد في تدريب النماذج بشكل دقيق، ورفع مستوى موثوقية التصنيف.
كيف تعاملتم مع مسألة تمثيل مسارات الجهد والتيار بصريًا وتحويلها إلى صور؟
كنا بنسجل بيانات الجهد والتيار قبل وبعد تغيير حالة الجهاز، ونرسم منها مسار (V–I) ثنائي الأبعاد. بعد كده حوّلنا المسارات دي إلى صور، بعضها ثنائي القنوات وبعضها ثلاثي القنوات، ودرّبنا عليها نماذج تعلم عميق. التجارب أثبتت أن الصور ثلاثية القنوات كانت الأفضل في التمييز بين الأجهزة.
من واقع التجربة، ما هي نوعية خوارزميات التعلم العميق التي أثبتت كفاءة أعلى في تصنيف الأجهزة؟
استخدمنا أكثر من نموذج، لكن خوارزمية CNN (الشبكات العصبية الالتفافية) كانت الأعلى أداءً، لقدرتها على التعامل مع تفاصيل الصور واستخلاص الأنماط الدقيقة من مسارات (V-I)، خاصة مع الصور ثلاثية القنوات.
هل تمكن النظام من التعامل مع أجهزة لم تكن موجودة ضمن قاعدة البيانات؟
بالطبع و كان ذلك من احد المكاسب الكبيرة. النظام أظهر قدرة جيدة على اكتشاف أجهزة غير معروفة بناءً على نمط استهلاكها، وده يفتح فرصة لتوسيع قاعدة البيانات وتدريب النظام ليواكب أجهزة جديدة مستقبلًا.
هل هناك خطط مستقبلية لتوسيع نطاق المشروع ليشمل سيناريوهات أكثر تعقيدًا مثل الأحمال المتغيرة باستمرار؟
بالفعل، من أهم التوصيات اللي خرج بيها الفريق هي تطوير النظام ليشمل الأحمال المتغيرة ديناميكيًا والأجهزة المحمولة، وده يتطلب توسيع قاعدة البيانات وتجهيز النماذج على سيناريوهات تشغيل متعددة، وده في خطتنا القادمة.
هل ترى إمكانية لتطبيق هذا المشروع في القطاعات الصناعية أو المستشفيات؟
بالطبع المنشآت الصناعية والمستشفيات تحديدًا بتحتاج مراقبة دقيقة وفورية لاستهلاك الطاقة، وأي عطل أو زيادة غير متوقعة ممكن يسبب أزمة. النظام غير تدخلي، وده ميزة كبيرة، وبتطويره ليتعامل مع الأحمال المتشابكة والمتغيرة، هيكون أداة فعالة في تحسين إدارة الطاقة داخل الأماكن دي.
هل هناك نية لدمج هذا النظام مستقبلًا مع تقنيات إنترنت الأشياء (IoT) أو أنظمة ذكاء اصطناعي تنبؤية؟
بالتأكيد. من المخطط ربط النظام بمنصات ذكية تتيح للمستخدم متابعة استهلاك الطاقة في الزمن الحقيقي، مع إمكانية تنبؤ بأنماط الأحمال والتحكم الذكي فيها، وده هينقله من مجرد نظام مراقبة لأداة فعّالة في إدارة الطاقة المنزلية والمؤسسية.
كلمة أخيرة تحب توجهها للطلاب والمجتمع الأكاديمي؟
أوصي الطلاب دائمًا بالجمع بين المعرفة النظرية والمشاريع التطبيقية الواقعية. وأدعو الجامعات لدعم المشاريع اللي ممكن تتحول لمنتجات تقنية قابلة للتطبيق، لأنها فعلاً قادرة تغيّر واقع الطاقة والاستهلاك في مصر. فهذا المشروع بيثبت أن طلابنا عندهم القدرة على تقديم حلول ذكية وعملية لمشكلات حقيقية.