كتبت: أمل محمد الحواط
في ظل التطور السريع الذي يشهده العالم في مجالات الزراعة الذكية، أصبح من الضروري الاستعانة بالتقنيات الحديثة لمواجهة تحديات نقص العمالة وارتفاع تكاليف الزراعة التقليدية. ومن هنا، جاءت فكرة مشروع “روبوت زراعي ذاتي الحركة”، والذي نفذه فريق من طلاب كلية الهندسة — جامعة بنها، تحت إشراف الدكتور عمرو شفيق.
ويقدم المشروع نموذجًا عمليًا لروبوت ذكي يعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، يمكنه اكتشاف الآفات الزراعية بدقة، ومعالجة النباتات بشكل موضعي، وقياس حالة التربة، معتمداً في تشغيله على الطاقة المتجددة.
وفي هذا الحوار، نستعرض تفاصيل المشروع وأبرز التحديات التي واجهها الفريق أثناء التنفيذ:
في البداية، هل يمكنكم التعريف بفريقكم؟
نحن فريق Team (3) من طلاب كلية الهندسة — جامعة بنها، تخصص ميكاترونكس وذكاء صناعي. يجمع مشروعنا بين تقنيات متعددة تخدم الزراعة بطريقة ذكية ومستدامة.
من أين جاءت فكرة المشروع؟
من معايشتنا لمشكلة حقيقية في المزارع المصرية، حيث تعاني من نقص في العمالة الزراعية وصعوبة اكتشاف الآفات بدقة في الوقت المناسب، ففكرنا في ابتكار حل عملي يوفر الوقت والجهد، ويزيد من الإنتاجية ويحافظ على البيئة.
ما الذي يميز مشروعكم عن الحلول الأخرى المتاحة؟
يتميز روبوتنا بتقنيات الذكاء الاصطناعي وقدرته على اكتشاف الآفات بدقة وتحديد العلاج المناسب على الفور. كما أنه مزود بمستشعرات لقياس رطوبة التربة ونسبة الحموضة (pH)، ويمكنه رش كميات محسوبة من المياه. بالإضافة إلى أنه يعمل بطاقة متجددة صديقة للبيئة تجمع بين الألواح الشمسية والطاقة الناتجة عن الاهتزاز.
ما هو التحدي الأكبر الذي واجهكم أثناء تنفيذ المشروع؟
كان التحدي الأكبر هو تحقيق توازن بين خفة الوزن وكفاءة الطاقة، وضبط دقة نموذج الذكاء الاصطناعي، خاصة مع تشابه أشكال الآفات. كما كان من المهم تصميم نظام تحكم سهل يمكن لأي مزارع استخدامه دون خبرة تقنية متقدمة.
كيف يعمل الروبوت؟
الروبوت مزود بكاميرا 4K ومستشعر LiDAR، ويعمل بمعالج Raspberry Pi 5. يتم التحكم فيه عن بُعد من خلال تطبيق موبايل باستخدام Wi-Fi عن طريق منصة Blynk، كما يحتوي على وضع تحكم يدوي لحالات الطوارئ.
ما المواد المستخدمة في تصنيع الروبوت؟
استخدمنا الألومنيوم وخامات الطباعة ثلاثية الأبعاد (3D Printing) خفيفة الوزن لتقليل الاستهلاك في الطاقة، مع الحفاظ على متانة الهيكل الخارجي للروبوت.
هل الروبوت آمن أثناء التشغيل؟
بالتأكيد. قمنا بتزويده بمستشعرات لتفادي الاصطدام (LiDAR)، وزر توقف طارئ (E-Stop)، ونظام استشعار لاكتشاف تسرب المبيدات، حفاظًا على سلامة البيئة والمزارع.
ما القيمة الحقيقية التي يضيفها المشروع؟
يسهم المشروع في تقليل استهلاك المبيدات العشوائي، والحفاظ على صحة المزارعين، وتحسين جودة التربة، والاعتماد على مصادر طاقة نظيفة ومتجددة.
هل قمتم بتجربة الروبوت فعليًا؟
نعم، نقوم حاليًا بتجربته في مزرعة تجريبية، والنتائج الأولية مبشرة جدًا من حيث الدقة وسرعة الاستجابة.
ما خطتكم القادمة لتطوير المشروع؟
نخطط لتطوير نسخة مطورة من الروبوت تحتوي على مستشعرات إضافية، ونظام تحديد مواقع GPS بدقة أعلى، مع تحسين نموذج الذكاء الاصطناعي بشكل مستمر.
لو توفرت لديكم ميزانية مفتوحة، ما الإضافات التي كنتم ستضيفونها للروبوت؟
كنا سنضيف وحدة تصوير بالأشعة تحت الحمراء لاكتشاف الأمراض غير المرئية للعين المجردة، بالإضافة إلى مستشعرات طقس تُمكِّن الروبوت من اتخاذ القرار المناسب في حالات الري أو رش المبيدات.
هل من الممكن تطوير نسخة تناسب الزراعة داخل البيوت الذكية أو الصوب الزراعية؟
بالطبع. لن تختلف النسخة إلا في حجم الروبوت وبعض أنواع الحساسات المستخدمة، وستكون مفيدة جدًا خاصة في المزارع العضوية أو الصوب الزراعية.
هل واجهتم صعوبات أثناء تدريب الذكاء الاصطناعي؟
نعم، فقد كانت بعض الآفات متشابهة جدًا، مما اضطرنا لجمع عدد كبير من الصور من مزارع مختلفة لتحسين دقة النموذج، حتى وصل إلى مستوى ممتاز في التمييز بين الأنواع.
ما أصعب موقف تعرضتم له أثناء تنفيذ المشروع؟
في إحدى التجارب الأولية، رش الروبوت مبيدًا عن طريق الخطأ على نبات سليم! ومنذ تلك الواقعة عملنا على تحسين دقة الذكاء الاصطناعي، وتثبيت نظام تحقق مزدوج قبل تنفيذ أي عملية رش.
هل ترون أن المشروع قابل للتطبيق التجاري في مصر حاليًا؟
نعم، وبقوة. خاصة في المزارع المتوسطة والكبيرة، ومع تزايد الوعي بفكرة الزراعة الذكية، نتوقع أن يجد المشروع إقبالًا كبيرًا.
ما الرسالة التي تسعون لإيصالها من خلال مشروعكم؟
رسالتنا أن التكنولوجيا ليست حكرًا على المصانع والهواتف، بل يمكن توظيفها في الزراعة لخدمة الإنسان والبيئة، وبأيدي شباب مصري قادر على الابتكار.
من الداعم الأول لكم في هذا المشروع؟
الدكتور عمرو شفيق، مشرف المشروع، الذي كان الداعم الأكبر لنا منذ البداية، وساندنا خطوة بخطوة في كل مراحل التنفيذ.
كلمة أخيرة لزملائكم من طلاب الهندسة؟
لا تترددوا في البدء حتى وإن كانت الإمكانيات محدودة. الفكرة القوية تفرض نفسها، والتطبيق العملي هو طريق النجاح الحقيقي.