كتبت /بسنت العزب
في صرح البحث العلمي المصري، مركز البحوث والتطوير الفلزات، يقف قسم التشكيل اللدن كمركز حيوي يغذي
الصناعات الهندسية بتقنيات متطورة. استضافت الدكتورة إيمان الشناوي، األستاذة ورئيسة القسم، وهي خبيرة مرموقة
تخرجت من كلية الهندسة بجامعة القاهرة وحاصلة على الدكتوراه في مجال دقيق يتعلق بالصلب المقاوم للصدأ
“السلستين” – وهو مادة فريدة تفقد مقاومتها للصدأ عند اللحام نتيجة فقدان الكروم، وهو تحٍد تم التغلب عليه ببراعة
عبر إضافة عنصر استراتيجي آخر في السبيكة. في هذا الحوار المعمق، تكشف الدكتورة الشناوي عن الدور
.المحوري للقسم، أحدث التطورات، والتحديات التي تواجه مسيرة البحث العلمي في هذا المجال الحيوي
ما هي الركائز األساسية التي يقوم عليها عمل قسم التشكيل اللدن في مركز البحوث والتطوير الفلزات؟
قسم التشكيل اللدن يمثل جوهر عمليات تصنيع وتطوير المعادن. وظيفتنا األساسية تتعدى مجرد تغيير الهيئة الفيزيائية
للمعدن؛ نحن نتعمق في هندسة خواصه الميكانيكية والمعدنية لتلبية متطلبات صناعية دقيقة ومتنوعة. فالمواصفات
المطلوبة في قطاعات مثل بناء الكباري، صناعة الحواسيب، أو هندسة السيارات تتباين بشكل كبير، وعمليات التشكيل
.يجب أن تتكيف بدقة مع هذه االحتياجات لتحقيق األداء األمثل والسالمة الهندسية
ما هي أبرز المحطات التطورية التي شهدها قسم التشكيل اللدن في مسيرته؟

على الرغم من أن فن تشكيل المعادن يعود إلى عصور قديمة، إال أن الثورة التكنولوجية المعاصرة نقلت هذا المجال
ا للتركيب
نقلة نوعية. لم يعد التركيز مقتصًرا على الطرق التقليدية لتشكيل المعادن، بل امتد ليشمل فهًما معمًق
المجهري للمادة أثناء وبعد التشكيل. هذه المعرفة الدقيقة تمثل حجر الزاوية في تحقيق الخواص المطلوبة. باإلضافة
إلى ذلك، تطورت قدرتنا على تحديد وتحليل العوامل األكثر تأثيًرا في عملية التشكيل، مثل معامالت الحرارة والضغط
والتشوه، بهدف الوصول إلى المنتج النهائي بأعلى مستويات الجودة والكفاءة وطول العمر االفتراضي
كيف تترجم هذه المفاهيم النظرية إلى عمليات تطبيقية داخل القسم؟ وما هي أبرز التقنيات واألجهزة المستخدمة؟

عمليات التشكيل لدينا تتم باستخدام منظومة متكاملة من األجهزة المتقدمة. نمتلك وحدات تشكيل متنوعة مثل مكابس
الطرق والدرفلة، والتي غالًبا ما تعمل بالتكامل مع أفران متخصصة للتحكم الدقيق في بيئة العملية. وبالموازاة مع
ذلك، لدينا مختبرات مجهزة بأحدث أجهزة االختبار والتحليل، بما في ذلك أجهزة اختبار الشد والصالبة واالختبارات
.الفيزيائية األخرى. هذه االختبارات ضرورية للتحقق من أن المنتج المشكل يطابق المواصفات الهندسية المطلوبة بدقة
.تعتبر كفاءة استخدام الطاقة من التحديات العالمية
ما هي أبرز جهودكم البحثية؟
ا استراتيجًيا في أبحاثنا. عمليات تسخين وتشكيل
يتمثل فى ترشيد استهالك الطاقة وتقليل البصمة الكربونية هدًف
ا اقتصادًيا وبيئًيا. لذا، نركز على تحويل مسار البحث
المعادن تستهلك كميات كبيرة من الطاقة، وهو ما يمثل عبًئ
العلمي من االعتماد على التجارب العشوائية إلى االستفادة من النماذج الرياضية والمحاكاة الحاسوبية للتنبؤ بسلوك
المواد وتقليل الحاجة إلى التجارب واسعة النطاق. هذا النهج يساهم في تقليل استهالك المواد والطاقة. كما أننا
.نستكشف تقنيات تشكيل مبتكرة تعمل عند درجات حرارة منخفضة أو بكفاءة أعلى
ما هي أبرز المعوقات التي تواجه الباحثين في قسم التشكيل اللدن؟ وكيف تسعون للتغلب عليها؟
ا رئيسًيا. ولكن، إيماننا بأهمية البحث
يظل محدودية اإلمكانيات المتاحة، الناجمة عن التحديات االقتصادية، عائًق
العلمي وتميز باحثينا يدفعنا نحو تفعيل التعاون الدولي بشكل مكثف. نسعى لبناء شراكات استراتيجية مع مراكز بحثية
عالمية مرموقة، ونستفيد من خبراتهم ومرافقهم المتقدمة من خالل برامج التبادل العلمي القصيرة. هذا التعاون يمثل
.نافذة حيوية لالطالع على أحدث التقنيات وتبادل المعرفة، مما يساهم في دفع عجلة البحث العلمي في مصر
في ختام هذا الحوار الثري، يبقى هذا القسم، بعقول باحثيه وسعيهم الدؤوب نحو االبتكار، ركيزة أساسية لتطوير
الصناعات الهندسية في مصر ومواكبة التطورات العالمية. التحديات االقتصادية ال تثني عزمهم، بل تدفعهم نحو مزيد
.من التعاون الدولي واالعتماد على الحلول اإلبداعية لتحقيق مستقبل صناعي أكثر كفاءة واستدامة