ابتكارات الشباب

مشروع طلابي بجامعة برج العرب يحول نفايات البلاستيك إلى قيمة اقتصادية

بقلم :-  سارة محمد حسان – جامعة برج العرب التكنولوجية

في رحاب جامعة برج العرب التكنولوجية، وتحديدًا داخل قسم تكنولوجيا المعلومات، بزغ مشروع طلابي طموح يحمل اسم “Recycling”، يمثل نموذجًا يحتذى به في ربط الوعي البيئي بالابتكار التقني. لا يقتصر المشروع على كونه فكرة أكاديمية، بل هو تجربة تطبيقية تسعى لتحويل أزمة النفايات البلاستيكية إلى فرصة اقتصادية وتنموية، يقودها مجموعة من شباب الجامعة المتحمسين لصنع التغيير.”

مخطط توصيل مكونات ماكينة إعادة التدوير باستخدام لوحة تحكم إلكترونية، يوضح الربط بين المحركات، والسخانات، والحساسات، وشاشة العرض لضمان التشغيل الدقيق والمتكامل.”

فكرة نشأت من الواقع

انطلقت فكرة المشروع من ملاحظة الفريق الطلابي لحجم التلوث البلاستيكي المنتشر في الشوارع والبيئات الطبيعية، مما دفعهم إلى ابتكار حل عملي ومبسط لمواجهة هذه الظاهرة المتنامية. تمثلت الفكرة في تصميم ماكينة صغيرة الحجم ومنخفضة التكلفة قادرة على إعادة تدوير البلاستيك وتحويله إلى مواد قابلة للاستخدام مرة أخرى، في إطار يسهم في تعزيز مفهوم الاقتصاد الدائري.

خطوات جادة نحو التنفيذ

لم تظل الفكرة حبيسة الورق، بل تحوّلت إلى خطوات فعلية. يعمل الفريق حاليًا على تجميع الأجزاء الخاصة بالماكينة، وقد تمكن من إنجاز جزء كبير منها بعد مراحل متعددة من التصميم والتخطيط والاختبارات. يُظهر هذا الجهد حرص الطلاب على الوصول إلى نموذج أولي مكتمل قابل للتجربة والتطوير، وسط تحديات تتطلب دقة ومرونة في التنفيذ.

تصميم مبتكر يجمع بين الكفاءة والتكلفة

يرتكز التصميم على دمج مراحل إعادة التدوير الأساسية في ماكينة واحدة، يمكن تشغيلها بسهولة دون الحاجة إلى خبرات تقنية متقدمة. وتمكن الفريق من التغلب على معضلة التوازن بين الأداء الفعال والتكلفة المحدودة من خلال استخدام مواد محلية متوفرة، واعتماد تصميم وحدات Modular، ما يسهل عملية الصيانة والتطوير المستقبلي ويقلل من التكاليف على المدى البعيد.

أهداف بيئية واقتصادية طموحة

يسعى فريق “Recycling” إلى تقليل كمية النفايات البلاستيكية، وتمكين الأفراد والمصانع الصغيرة من إعادة تدوير مخلفاتهم بدلًا من التخلص منها بطرق ضارة. على المدى الطويل، يطمح المشروع إلى دعم جهود الاستدامة، وتقليل الاعتماد على المواد الخام البكر، مما يسهم في الحفاظ على الموارد الطبيعية.

تحديات قابلوها بالإصرار والتجريب

واجه الفريق عددًا من التحديات، أبرزها اختيار المواد التي تتحمل درجات الحرارة العالية، وضبط المعايير الفنية لتقطيع البلاستيك وعمليات الانصهار والنقل داخل الماكينة. إلا أن التعاون الجماعي، والبحث المستمر، والاستعانة بخبرات أساتذة القسم، كان له دور كبير في تجاوز هذه العقبات بنجاح، من خلال بناء نماذج أولية وتجربتها مرارًا حتى الوصول إلى تصميم فعّال.

من مشروع طلابي إلى منتج تجاري واعد

يرى الطلاب أن مشروعهم يحمل إمكانيات حقيقية للتحول إلى خط إنتاج صغير يخدم فئات متنوعة من المجتمع، بداية من الورش والمصانع الصغيرة، وحتى المدارس والمؤسسات التعليمية التي يمكن أن تستفيد من نسخة مصغرة من الماكينة في نشر ثقافة إعادة التدوير.

طموحات مستقبلية نحو تطوير تقني مستدام

ضمن خطط التطوير، يسعى الفريق إلى تزويد الماكينة بوحدات فرز تلقائي، ونظام تحكم إلكتروني ذكي، بالإضافة إلى استخدام مصادر طاقة متجددة لتقليل الانبعاثات الكربونية. كما يفكرون في تصغير حجم الماكينة لتتناسب مع الاستخدام المنزلي والتعليمي، بهدف تعزيز الوعي البيئي في المجتمع من خلال الممارسة الفعلية.

رسالة للمجتمع والجهات المعنية

يؤمن طلاب مشروع “Recycling” بأن مشكلة التلوث البلاستيكي ليست مستعصية، بل تتطلب تكاتف الجهود واحتضان الأفكار المبتكرة. ويوجهون رسالتهم إلى المجتمع والجهات المعنية بضرورة دعم المشاريع الطلابية البيئية، مؤكدين أن كل مبادرة صغيرة يمكن أن تصنع فرقًا حقيقيًا.


يمثل مشروع “Recycling” تجسيدًا واقعيًا لإمكانات الشباب المصري حين تتوفر لهم بيئة تعليمية محفزة وفرصة للتعبير عن أفكارهم. فوسط التحديات البيئية المتزايدة، يبرز هذا النموذج الطلابي كرسالة أمل تدعو إلى التغيير، وتُثبت أن الحلول العظيمة قد تبدأ من داخل جدران الجامعات. وبينما يخطو الفريق أولى خطواته نحو تحويل فكرته إلى منتج قابل للتطبيق، يبقى الأمل معقودًا على أن تجد مثل هذه المبادرات الدعم الكافي لتشق طريقها نحو مستقبل أكثر استدامة ومسؤولية.

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *