بقلم: الآء محمد
في خطوة علمية واعدة نحو تسريع وتيرة إنتاج الأدوية واللقاحات، قدم الطالب عمر شريف محمد نجيب، من الصف الثاني الثانوي بمدينة أكتوبر، القاهرة، مشروعاً بحثياً مبتكراً يحمل اسم “ENCOT”. هذا المشروع يمثل أداة متطورة تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وبالتحديد شبكات “Transformer” العصبية، لتحسين عملية اختيار الشفرات الوراثية، مما يؤثر بشكل مباشر على كفاءة وجودة إنتاج البروتينات التي تُعد مكوناً أساسياً في صناعة الأدوية البيولوجية.
تتجسد التحديات الرئيسية في صناعة الأدوية واللقاحات في الحاجة إلى إنتاج البروتينات بكفاءة وجودة عالية. ولتحقيق ذلك، يتم إدخال الجين المسؤول عن البروتين المطلوب إلى داخل بكتيريا مثل “E.coli”. غير أن هذه العملية ليست بالبساطة التي تبدو عليها؛ فكل جين يتكون من “شفرات” تُعرف بـ”Codons”، وهي رموز جينية توجه البكتيريا لإنتاج البروتين. إذا كانت هذه الشفرات غير مناسبة أو غير متناسقة مع النظام البيولوجي للبكتيريا، فقد تظهر مشكلات خطيرة مثل انخفاض إنتاج البروتين، عدم استقراره، أو حتى سمية داخل الخلية المضيفة.
هنا يأتي دور مشروع “ENCOT” ليقدم حلاً ذكياً لهذه المعضلة. على عكس الأدوات التقليدية التي تختار الشفرات بشكل عشوائي أو ثابت، يقوم “ENCOT” بتحليل السياق الحيوي الكامل للجين، ويفهم أي الشفرات هي الأنسب خصيصاً لبكتيريا “E.coli”. هذا النهج المتقدم أدى إلى نتائج مبهرة، حيث حقق المشروع تحسيناً بنسبة 30% في مؤشر توافق الشفرات (CAI)، وزيادة ملحوظة بلغت 200% في إنتاج البروتين. ويعني هذا أن النموذج لا يكتفي باختيار الشفرات الصحيحة فحسب، بل يضمن أيضاً عمل الجين بأعلى كفاءة ممكنة، مما يسهم في إنتاج الأدوية بشكل أسرع، أقل تكلفة، وأكثر أماناً.
من الناحية التقنية، تم تدريب النموذج على قاعدة بيانات ضخمة من جينات بكتيريا “E.coli”. ويعتمد “ENCOT” على نمط التعلم العميق القائم على السياق، وليس مجرد الإحصائيات البسيطة. ومن الجدير بالذكر أن النموذج مفتوح المصدر، ويجري العمل حالياً على تطويره لخدمة كائنات حية أخرى بخلاف “E.coli”.
تكمن الأهمية الكبرى لمشروع “ENCOT” في كونه يخدم مجالات حيوية متعددة مثل الهندسة الوراثية، التكنولوجيا الحيوية، وصناعة الأدوية واللقاحات. كما يساهم المشروع بفعالية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال تطوير أدوات تساعد على علاج الأمراض بشكل أسرع وأكثر كفاءة، مما يمثل إضافة قيمة للمجتمع العلمي والصناعي.
