بقلم :- الآء محمد
في ظل التطورات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي، تبرز مشاريع شابة واعدة تسعى لتسخير هذه التقنيات لخدمة البشرية، خاصة في القطاع الصحي. من محافظة الشرقية، قدمت الطالبتان جيسيكا باسم مرقس ورحمة سعودي حماد، البالغتان من العمر 18 عامًا ، مشروعاً طموحاً يحمل اسم “نظام باركنسون الذكي APAS” (Advanced Parkinson’s Aid System)، والذي يهدف إلى إحداث ثورة في الكشف المبكر عن مرض باركنسون ومساعدة المصابين به.
بداية، نود أن نعرف منكما المزيد عن مرض باركنسون وأهمية الكشف المبكر عنه.
مرض باركنسون هو مرض عصبي مزمن يؤثر على حركة الجسم، ويحدث نتيجة نقص مادة “الدوبامين” في المخ، مما يسبب رعشة في الأطراف، وبطئاً في الحركة، وتيبساً في العضلات.والأهمية الحقيقية تكمن في أن المرض يبدأ بأعراض بسيطة تتطور مع الوقت. ولو اكتشفناه مبكراً، يمكننا التحكم فيه وتقليل تطوره وتأثيره على حياة المريض. وهذا ما نسعى لتحقيقه من خلال مشروعنا.
فكرة مشروعكما “APAS” تبدو مبتكرة للغاية. كيف جاءت هذه الفكرة، وما هو المفهوم الأساسي لعمل التطبيق؟
الفكرة نبعت من إدراكنا لصعوبة الكشف المبكر عن المرض، ورغبتنا في تقديم حل يمكن أن يصل إلى أكبر عدد من الناس. المفهوم الأساسي لمشروعنا هو ابتكار تطبيق ذكي يستخدم الذكاء الاصطناعي للكشف المبكر عن مرض باركنسون من غير ما يكون المريض محتاج يروح مستشفى أو يستخدم أجهزة معقدة.
يعتمد التطبيق على تحليل سلوك المستخدم وهو يستعمل الموبايل، مثل سرعة الكتابة، قوة اللمس على الشاشة، وحركة الجهاز وهو في يده، وكذلك نبرة صوته. كل هذه البيانات تُجمع وتُحلل باستخدام نموذج من التعلم الآلي (machine learning) تم تدريبه خصيصاً لالتقاط الإشارات الأولية التي قد تدل على وجود المرض.
وماذا يحدث بعد تحليل البيانات؟ هل يتلقى المستخدم تشخيصاً مباشراً؟
بعد التحليل، يظهر للمستخدم تقرير شامل عن حالته. ولو في مؤشرات خطر، التطبيق ينصحه بزيارة دكتور. نحن لا نقدم تشخيصاً طبياً نهائياً، بل نوفر أداة للكشف المبكر والتنبيه.
وما هي الميزة التنافسية الكبرى لنظام “APAS” مقارنة بالطرق التقليدية للكشف؟
الميزة الكبيرة هي أن التطبيق سهل الاستخدام وأي أحد يستطيع استخدامه ، ويساعد الناس على الاكتشاف المبكر وهذا يجعل العلاج أبسط وأكثر فعالية. بالإضافة إلى ذلك، المشروع يدعم أهدافاً صحية كبيرة تتوافق مع رؤية مصر 2030 ، ويجعل التكنولوجيا في خدمة الناس البسيطة، خصوصاً من قد لا يكون لديهم الوعي أو القدرة المالية للكشف الطبي المتخصص.
هل هناك أي خطط مستقبلية لتطوير المشروع أو توسيع نطاق عمله؟
بالتأكيد. نسعى دائماً لتحسين دقة النموذج وزيادة أنواع البيانات التي يمكن تحليلها. كما نأمل أن نرى هذا التطبيق يصل إلى أيدي كل من يحتاجه، ليساهم في تحسين جودة حياة مرضى باركنسون وتقديم الدعم اللازم لهم ولذويهم.
بفكر شاب وطموح لا يرى المستحيل، تثبت جيسيكا باسم ورحمة سعودي أن الابتكار الحقيقي ينبع من فهم احتياجات المجتمع والرغبة في إحداث فرق إيجابي. مشروع “APAS” ليس مجرد تطبيق ذكي، بل هو بصيص أمل جديد يفتح آفاقاً أوسع لمستقبل الرعاية الصحية، مؤكداً أن التكنولوجيا، عندما تلتقي بالإنسانية، تصبح أداة قوية لتحقيق الصحة والرفاهية للجميع. إنه مثال ساطع على أن العقول الشابة المصرية قادرة على تقديم حلول عالمية لتحديات كبرى، بما يدعم رؤية مصر 2030 في بناء مجتمع صحي ومتقدم.
