اختراعات علمية

حين تُلهمنا العمارة القديمة: مشروع هندسي مستوحى من قاعدة الهرم الأكبر لتوليد الطاقة

كتبت: أمل الحواط.

يُعد الهرم الأكبر في الجيزة من أعظم وأدق الإنشاءات الهندسية التي أنجزتها الحضارة المصرية القديمة. رغم مرور آلاف السنين على بنائه، إلا أن العديد من الأسئلة لا تزال تُطرح حول كيفية بناءه واستخدامه. من بين النظريات التي طرحت حول الهرم، برزت فكرة مثيرة تفترض أن الهرم قد تم تصميمه ليكون مصدرًا للطاقة، بما في ذلك إنتاج الكهرباء. بناءً على هذه الفكرة، قامت مجموعة من الباحثين من قسم الهندسة الميكانيكية في كلية هندسة جامعة بنها بتقديم فكرة مشروع مبتكرة تحت إشراف الأستاذ الدكتور أشرف يحيى حسن، رئيس الدراسات العليا ورئيس قسم الهندسة الكهربائية في كلية الهندسة جامعة بنها، يهدف إلى دراسة إمكانية توليد الطاقة الكهربائية مستوحاة من خصائص الهرم الأكبر.

وعلى الرغم من أن الفكرة قد تبدو غريبة أو بعيدة عن الواقع، إلا أن هناك فرضيات تشير إلى أن تصميم الهرم، بتضاريسه الهندسية الفريدة وقاعدته الواسعة التي كانت تطل على نهر النيل، قد ساهم في استغلال الطاقة الطبيعية من محيطه. وقد طرحت العديد من النظريات الغربية التي استهدفت تفسير سبب بناء الأهرامات، ومنها ما اقترح أن الهرم كان له وظيفة فنية تتعلق بتوليد الطاقة. من خلال هذا المشروع، يتم اختبار إمكانية تحويل الحركة الطبيعية للمياه في منطقة الهرم إلى طاقة كهربائية باستخدام تقنيات هندسية حديثة، مستوحاة من تصميم الهرم.

وفي هذا السياق، فإن الهدف الرئيسي هو تصميم محطة لتوليد الطاقة الكهربائية باستخدام نفس المبادئ الهندسية التي قد تكون موجودة في الهرم الأكبر. يتم السعي لمحاكاة تأثيرات تصميم الهرم على المياه في محيطه، واختبار إمكانية توليد الكهرباء من اضطرابات سطح المياه باستخدام تقنيات ميكانيكية مثل الرامب بامب (Ramp Pump). كما أن المشروع يسعى لإثبات أن التصميم الهندسي للهرم، خاصة مع ارتفاعه الكبير وقاعدته الواسعة التي كانت بالقرب من النيل في العصور القديمة، قد سمح بتحويل الحركة الطبيعية للمياه إلى طاقة كهربائية. وبالاعتماد على التكنولوجيا المتطورة، يمكن تطبيق هذه الفكرة في الزمن الحاضر لتحويل الطاقة الحركية الناتجة عن اضطراب سطح الماء إلى طاقة كهربائية قابلة للاستخدام.

وتعتمد الفكرة على مبدأ تحويل الحركة الحركية للمياه إلى طاقة كهربائية، وهي عملية تمت محاكاتها باستخدام الرامب بامب، وهي تقنية ميكانيكية تعتمد على تحويل الاضطرابات الناتجة عن تدفق المياه إلى طاقة. وتُعد انها تقنية قديمة تعمل على ضخ المياه باستخدام طاقة حركة المياه الطبيعية، دون الحاجة إلى مصدر طاقة خارجي. وفي هذا المشروع، يُخطط لاستخدام هذا النظام الميكانيكي مع تصميم مشابه للهرم، بحيث يتم توفير مساحة واسعة يمكنها التقاط حركة المياه وتحويلها إلى طاقة. وتعتمد الفكرة على أن سطح المياه في محيط الهرم، مع وجود الصخور الكبيرة التي شكلت قاعدة الهرم، يمكن أن يعمل كعامل تجميع للطاقة الحركية، مما يؤدي إلى تأثير أكبر في عملية التحويل للطاقة الكهربائية.

وتبدأ مراحل العمل بدراسة خصائص الهرم الأكبر، مثل شكله الهندسي، وارتفاعه، ومدى قربه من نهر النيل، وتحليل تأثير هذه الخصائص على توزيع الطاقة في البيئة المحيطة. ثم يُطبق نظام الرامب بامب لتحويل اضطرابات سطح الماء إلى طاقة حركية، وتُجرى محاكاة لهذه التقنية في المعامل باستخدام نماذج ميكانيكية للكشف عن الكفاءة في تحويل هذه الطاقة الحركية إلى طاقة كهربائية. وبعد ذلك، تُجمع الطاقة الكهربائية الناتجة عن هذه الاضطرابات وتُحول عبر أنظمة كهربائية مناسبة، باستخدام تقنيات تجميع الطاقة وتحويلها إلى طاقة قابلة للاستخدام، مثل أنظمة التخزين المؤقت للتيار الكهربائي.

وبناءً على المحاكاة الحالية والاختبارات التجريبية، من المتوقع أن يؤدي تطبيق هذا النظام إلى توليد كميات صغيرة من الطاقة الكهربائية يمكن تجميعها بفعالية باستخدام تقنيات مناسبة. ورغم أن الطاقة المنتجة ستكون محدودة على مستوى سطح الماء، إلا أن تجميعها عبر المساحة الكبيرة لقاعدة الهرم قد يُسهم في زيادة الكفاءة بشكل ملحوظ. كما يُتوقع أن يساهم هذا المشروع في دعم الأبحاث المتعلقة بإمكانية استغلال تصميمات تاريخية قديمة في توليد الطاقة الكهربائية في العصر الحديث، مما يفتح المجال أمام تقنيات جديدة في مجال الطاقة المستدامة.

ورغم أن المشروع يستند إلى فرضية مبتكرة، إلا أن هناك تحديات عديدة قد تواجه تنفيذه، من أبرزها عدم وجود إثباتات علمية تدعم فكرة توليد الكهرباء باستخدام الأهرامات، والافتقار إلى البنية التحتية المناسبة لتطبيق هذه الفكرة بشكل عملي، إضافة إلى صعوبة تحديد العوامل التي كانت تؤثر على الطاقة الكهربائية في العصور القديمة. ومع ذلك، فإن الأبحاث المستقبلية قد تفتح آفاقًا أوسع لتحليل تطبيقات مماثلة للأهرامات عبر العصور، وقد يُعاد اختبار الفكرة باستخدام تقنيات الهندسة الحديثة.وبذلك يُمثل مشروع “إنتاج طاقة كهربائية مستوحاة من قاعدة الهرم الأكبر” خطوة نحو اكتشاف كيفية استخدام التصميمات الهندسية القديمة في توليد الطاقة باستخدام تقنيات معاصرة. ومن خلال استخدام الأنظمة الميكانيكية الحديثة مثل الرامب بامب، يُؤمل في إثبات أن الطاقة التي كان من المحتمل أن تنتج عن الأهرامات قد تكون قابلة للتحويل إلى طاقة كهربائية. ويحمل المشروع في طياته إمكانيات كبيرة في استكشاف العلاقة بين الهندسة المعمارية القديمة وتقنيات الطاقة الحديثة

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *