إعداد: سارة محمد حسان
في خطوة رائدة تجسد الابتكار والاستدامة، نجح فريق من طلاب الفرقة الثانية بكلية الهندسة – جامعة دمنهور، في تحويل تحدي النفايات البلاستيكية إلى فرصة حقيقية لخدمة المجتمع. إذ قاموا بتطوير طرف صناعي متطور باستخدام مواد معاد تدويرها من الزجاجات البلاستيكية.
التقينا المهندس علاء عبد الخالق عبد الله مبارك (قائد الفريق)، والمهندس محمد فتحي إسماعيل، للحديث عن هذا المشروع المُلهم الذي يعكس قدرات الشباب المصري على الابتكار، ويبرهن على إمكانية تحويل النفايات إلى أدوات لحياة أفضل.
بداية، كيف نشأت فكرة المشروع؟
أوضح المهندس علاء مبارك أن الفكرة بدأت من إدراك الفريق لحجم مشكلة النفايات البلاستيكية وتأثيرها البيئي الخطير. وأضاف:
تساءلنا: بدلًا من التخلص من هذه الزجاجات بطرق ضارة مثل الحرق أو الرمي، لماذا لا نحولها إلى شيء مفيد؟ انطلقت هذه الفكرة منذ نحو عامين، حيث كنا نعمل على مشروع لتطوير طرف صناعي يعتمد على مستشعر يُركب على إصبع اليد. ومع الوقت، طورنا المشروع ليكون أكثر شمولًا، ليستفيد منه عدد أكبر من ذوي البتر.”
كيف طورتُم الفكرة لتشمل استخدام الزجاجات البلاستيكية تحديدًا؟
أكد الفريق أن اللجوء إلى الزجاجات البلاستيكية جاء من الرغبة في إيجاد بدائل مستدامة واقتصادية للمواد التقليدية المستخدمة في الأطراف الصناعية.
أجرينا عدة تجارب لاختيار أنواع البلاستيك القابلة لإعادة التدوير وتتميز بقدرة تحمل عالية. تلقينا دعمًا من متخصصين في كلية العلوم لمساعدتنا في تحديد الأنواع الأنسب، كما اختبرنا قدرتها على مقاومة الحرارة، وكانت تلك مرحلة حاسمة لضمان متانة المواد المستخدمة.”
ما الخطوات الأساسية لتصنيع الطرف الصناعي باستخدام هذه المواد؟
شرح المهندس علاء مراحل التصنيع قائلاً:
“نبدأ أولًا بتعقيم الزجاجات البلاستيكية جيدًا، ثم نُدخلها إلى ماكينة قمنا بتصميمها خصيصًا لتحويلها إلى خيوط دقيقة تُعرف بـ ‘فيلامينت’، وهي المادة الخام للطباعة ثلاثية الأبعاد. بعد ذلك، نستخدم طابعة ثلاثية الأبعاد (3D Printer) لطباعة هيكل الطرف الصناعي. وقبل الطباعة، نأخذ مقاس الطرف المبتور باستخدام ماسح ضوئي ثلاثي الأبعاد لضمان توافق الطرف الجديد مع الطرف السليم.”
ما أبرز التحديات التي تواجهكم في مرحلة المسح الضوئي؟
“أكبر التحديات هو عدم توفر جهاز المسح الضوئي ثلاثي الأبعاد، نظرًا لارتفاع تكلفته. في المسابقات التي شاركنا فيها، اضطررنا لاستخدام مقاسات تقديرية لتقديم نموذج أولي، لكننا ندرك تمامًا أهمية هذه المرحلة في تصميم أطراف دقيقة ومريحة.”
ماذا يحدث بعد الطباعة ثلاثية الأبعاد؟
“نقوم بتجميع هيكل الطرف وتركيب حساسات للعضلات ومحركات دقيقة داخله. كما نطور كودًا برمجيًا يتيح تحريك الأصابع استجابةً للإشارات العصبية التي ترصدها الحساسات، ما يمنح المستخدم تجربة أقرب إلى الطبيعية.”
ما الإجراءات التي قمتم بها لاختبار الطرف الصناعي؟
حتى الآن لم نتمكن من تجريب الطرف الصناعي على حالات حقيقية نظرًا لبعض القيود، لكننا أعددنا نموذجًا مبدئيًا وأجرينا عليه اختبارات أولية أثبتت فعالية التصميم واستجابته.”
ما المسابقات التي شاركتم فيها، وما أهمية هذا التقدير بالنسبة لكم؟
شاركنا في عدة مسابقات، منها مسابقة نقابة المهندسين العامة التي حصلنا فيها على المركز الثاني على مستوى الجمهورية، كما حصلنا على المركز الثاني بمحافظة البحيرة وعلى مستوى الإسكندرية ومطروح في مسابقة ‘الخضراء الذكية’. هذا التقدير يمثل حافزًا قويًا لمواصلة العمل، ويمنحنا الثقة في مسارنا.”
كيف يحقق المشروع أهداف التنمية المستدامة؟
أوضح الفريق أن المشروع يحقق عدة أهداف من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، من أبرزها:
الصناعة والابتكار والبنية التحتية: من خلال تطوير تقنية جديدة لإنتاج الأطراف الصناعية.
الاستهلاك والإنتاج المسؤولان: بإعادة تدوير البلاستيك.
العمل المناخي: عبر الحد من حرق البلاستيك وتقليل الانبعاثات.
الحياة تحت الماء وعلى اليابسة: من خلال الحد من التلوث البلاستيكي.
عقد الشراكات: إذ يسعى الفريق للتعاون مع مؤسسات مختلفة لدعم المشروع وتوسيع نطاقه.
ما طموحاتكم المستقبلية؟
“نطمح لأن يخدم المشروع عددًا كبيرًا من المحتاجين للأطراف الصناعية، وأن نقدم لهم حلولًا مبتكرة وبتكلفة منخفضة. نأمل كذلك في تطوير نماذج لأنواع أخرى من البتر، والحصول على التمويل اللازم لشراء الماسح الضوئي وتطوير المنتج. كما نعمل على بناء شراكات مع جهات طبية ومجتمعية لتوسيع نطاق التوزيع.”
ما الرسالة التي توجهونها للشباب والمجتمع؟
“نقول للشباب: لا تضعوا حدودًا لأحلامكم، فالإبداع قادر على تحويل التحديات إلى فرص.
وللمجتمع: إذا تعاونا وتكاملنا بين التخصصات المختلفة، سنجد حلولًا مبدعة لمشاكلنا البيئية والاجتماعية. النفايات ليست نهاية الشيء، بل قد تكون بدايته كموارد ثمينة يمكن استغلالها لخدمة الإنسانية.”
