ابتكارات الشباب

طالب مصري في جامعة الزقازيق يُحدث ثورة في عالم الطب النووي

إنتاج التكنيشيوم-99 بتكلفة زهيدة وأمان تام يفتح آفاقاً جديدة
بقلم / سارة حسان

في إنجاز علمي لافت يبعث الأمل في قطاع الطب النووي، تمكن الطالب المصري الواعد محمد جميل العجوز، الباحث في مجالي الكيمياء والفيزياء النووية بكلية العلوم جامعة الزقازيق (الفرقة الثانية)، من تحقيق اختراق واعد يتمثل في إيجاد طريقة مبتكرة لإنتاج عنصر التكنيشيوم-99، وهو نظير مشع بالغ الأهمية في التشخيص والعلاج الطبي، وذلك بتكلفة تقل بشكل ملحوظ عن الطرق التقليدية التي تعتمد على المفاعلات النووية المكلفة وذات المخاطر المحتملة. هذا الاكتشاف، الذي يقوده طالب في مقتبل العمر، يمثل نقلة نوعية من شأنها تذليل العقبات أمام توفير هذا العنصر الحيوي على نطاق واسع وبأسعار مناسبة للمؤسسات الصحية والمرضى على حد سواء. من المتوقع أن يشكل هذا الإنجاز حافزاً قوياً للشباب الطموح، مبرهناً على أن الإبداع لا يرتبط بالضرورة بالتقدم الأكاديمي أو العمر، ويمكن أن يلهم قصص النجاح كهذه الطلاب والباحثين في بداية مسيرتهم للانخراط بشغف في البحث العلمي، مدركين أن لديهم القدرة على إحداث تأثير حقيقي وتقديم حلول مبتكرة للتحديات المعاصرة.

يُعرف عنصر التكنيشيوم-99 بدوره المحوري في التصوير الطبي التشخيصي والعلاج الإشعاعي، حيث يُستخدم في ملايين الإجراءات الطبية حول العالم سنوياً. إلا أن إنتاجه الحالي يعتمد بشكل أساسي على المفاعلات النووية، مما يجعله عرضة لتقلبات الإمداد وارتفاع التكاليف، فضلاً عن المخاطر البيئية والأمنية المرتبطة بتشغيل هذه المفاعلات. في هذا السياق، تبرز أهمية البحث الذي قام به الطالب محمد جميل العجوز، والذي يقترح آلية جديدة ومبتكرة لإنتاج التكنيشيوم-99 دون الحاجة إلى مفاعل نووي. ووفقاً للطالب الباحث، فإن هذه الطريقة الواعدة لا تقلل التكلفة الإنتاجية بشكل جذري لتتراوح بين 5 إلى 8 ملايين دولار فقط مقارنة بنحو 50 مليون دولار لتكلفة الإنتاج عبر المفاعلات النووية (أي توفير بنسبة تصل إلى 70%)، بل إنها أيضاً تقلل بشكل كبير من المخاطر المحتملة المرتبطة بالتعامل مع المواد النووية في المفاعلات. يستلزم دعم مثل هذه المواهب الشابة تبني استراتيجيات شاملة من قبل المؤسسات التعليمية والبحثية في مصر، بما في ذلك توفير حاضنات للابتكار في الجامعات، وتقديم منح وموارد مالية للبحوث الطلابية المتميزة، وتسهيل التواصل بين الطلاب والعلماء والخبراء في المجالات المختلفة، بالإضافة إلى تبسيط الإجراءات المتعلقة بتسجيل براءات الاختراع وحماية الملكية الفكرية.

وقد بدأت ملامح هذا النجاح في الظهور من خلال مشاركة الطالب الفعالة في المؤتمر الطلابي الثامن بجامعة الزقازيق، كلية العلوم، حيث تم تكريمه تقديراً لمساهمته المتميزة. ويستعد الطالب الباحث حالياً لعرض هذا البحث المبتكر في محفل علمي آخر مرموق، وهو الملتقى الثاني بجامعة المنصورة، كلية العلوم. بالإضافة إلى ذلك، يسعى الطالب الطموح إلى توسيع آفاق هذا المشروع من خلال التواصل مع علماء وباحثين في جامعة زويل للعلوم والتكنولوجيا، انطلاقاً من العلاقات الطيبة التي جمعته بهم في محافل علمية سابقة. يمكن للدولة أن تلعب دوراً محورياً في دعم هذا الاكتشاف من خلال تخصيص ميزانيات للبحث والتطوير في هذا المجال، وتقديم تسهيلات للشركات الناشئة التي تتبنى هذه التقنية، وتشجيع التعاون بين الجامعات والمراكز البحثية والمؤسسات الصحية لتطوير وتطبيق هذه الطريقة الجديدة في الإنتاج على نطاق واسع، مما يعزز الاكتفاء الذاتي ويقلل الاعتماد على الاستيراد.

يمثل هذا الاكتشاف شهادة قوية على الإمكانات الكامنة في الجامعات المصرية وقدرة طلابها على تحقيق إنجازات علمية ذات صدى عالمي. يمكن لمثل هذه النجاحات أن تساهم في تغيير الصورة النمطية وتعزيز الثقة في مخرجات البحث العلمي المصري، وجذب المزيد من التعاون الدولي والاستثمارات في هذا القطاع الحيوي. من المرجح أن تشمل الخطوات التالية التي يطمح الطالب محمد جميل العجوز إلى تحقيقها تطوير النموذج الأولي للإنتاج، وإجراء المزيد من الاختبارات والتحسينات لضمان الكفاءة والسلامة، والحصول على براءة اختراع للتقنية، والبحث عن فرص للتعاون مع جهات صناعية أو استثمارية لتحويل هذا الاكتشاف إلى منتج تجاري متاح للمستشفيات والمراكز الطبية. الدعم المطلوب قد يشمل توفير التمويل اللازم للأبحاث اللاحقة، وتسهيل الوصول إلى المعدات والمختبرات المتخصصة، وتقديم الاستشارات العلمية والتسويقية اللازمة.

إن إنجاز الطالب محمد جميل العجوز يمثل قصة نجاح ملهمة تؤكد على أن الإبداع والابتكار لا يعرفان عمراً أو مرحلة دراسية. فمن قلب جامعة الزقازيق، استطاع هذا الشاب الطموح أن يقدم للعالم حلاً واعداً لمشكلة حيوية، مؤكداً على أن مصر تزخر بالكفاءات الشابة القادرة على تحقيق إنجازات علمية تخدم الإنسانية. يبقى التطلع إلى المستقبل وترجمة هذا الاكتشاف إلى تطبيقات عملية تعود بالنفع على المرضى والمجتمع بأكمله.

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *