إعداد: محمد رمضان فخر الدين
الدكتور محمود جلال يحيى أثناء تكريمه في المؤتمر الدبلوماسي للويبو بدولة الكويت
في عالم الزراعة الذي يواجه تحديات مستمرة، خاصة في مجال مكافحة الآفات والحفاظ على الإنتاجية، برز الدكتور محمود جلال يحيى كأحد الرواد في هذا المجال. حاصل على درجة الدكتوراه في هندسة القوى الميكانيكية، بدأ الدكتور محمود جلال مسيرته العلمية في مجال مكافحة الآفات الزراعية واستخدام المبيدات بشكل آمن وفعال.
تتمثل إنجازات الدكتور محمود جلال في تقديم حلول علمية مبتكرة تهدف إلى تحسين سبل مكافحة الآفات الزراعية وزيادة كفاءة استخدام المبيدات، بما يتماشى مع متطلبات الزراعة المستدامة. من خلال أبحاثه المتقدمة، استطاع تقديم حلول علمية لتقليل الأضرار البيئية والصحية الناتجة عن المبيدات، مما يجعل الزراعة أكثر أمانًا وفاعلية.
كما أن الدكتور محمود جلال قد حاز على العديد من الجوائز العلمية المرموقة وأصبح مرجعًا في مجال البحوث الزراعية، ويواصل العمل على تطوير تقنيات جديدة للمساهمة في الحفاظ على البيئة وتحقيق استدامة الزراعة.
وفي اطارذلك قمنا بإجراء حوار معه، نتناول فيه أبرز أفكاره حول تأثير المبيدات على البيئة وكيفية الموازنة بين الحفاظ على المحاصيل الزراعية وحماية البيئة.
في البداية، نود أن نتعرف إلى فكرة هذا الابتكار. من أين كانت البداية؟
بدأت الفكرة من التحديات الكبيرة التي تواجه المزارعين في مصر والعالم، والمتمثلة في الاعتماد على المبيدات الكيميائية الضارة، سواء بالصحة أو بالتربة. ومن هنا جاءتني الرغبة في تطوير حل مستدام، آمن وفعّال، باستخدام موارد البيئة ذاتها، مثل قش الأرز وقشور البقوليات. ومن خلال هذه المخلفات، استخلصنا مركبًا طبيعيًا يُعرف بـ”الشيتوسان”، والذي شكّل الأساس لهذا الابتكار.
ما الذي يميز هذا المبيد الحيوي عن المبيدات التقليدية؟
أهم ما يميزه هو كونه آمنًا تمامًا على الإنسان والنبات والتربة. وقد أثبت فعاليته في القضاء على الحشرات بنسبة 92% خلال 48 ساعة فقط. إلى جانب ذلك، فهو يُحسن خصوبة التربة، ويساهم في زيادة معدل نمو النبات بنسبة قد تصل إلى 8%.
وما هي مكونات المبيد؟
المادة الأساسية هي الشيتوسان، وهو مركب طبيعي مستخلص من المخلفات الزراعية، قمنا بتحويله إلى جسيمات نانوية دقيقة، تُمكّنه من اختراق أغشية الحشرات وتعطيل وظائفها الحيوية. كما حمّلنا هذه الجسيمات بزيوت عطرية طبيعية مثل النعناع والأوكالبتوس، مما يُعزز من فعاليتها في مكافحة الآفات.
هل تم اختبار المبيد على محاصيل زراعية؟
نعم، أجرينا تجارب على محاصيل مثل الطماطم والذرة، وكانت النتائج مشجعة للغاية. فلم تُسجل أي تأثيرات سلبية على النمو، بل لاحظنا تحسنًا في الطول ونمو النبات. كما أثبتت تحاليل التربة بعد الاستخدام أن المبيد يعيد بعض المعادن المفيدة للتربة، ويحافظ على النشاط الميكروبي الحيوي فيها.

مكافحة سوسة النخيل الحمراء بالمستخلص المبتكر
هل يتميز المبيد بتكلفة أقل مقارنة بالمنتجات التقليدية؟
بالفعل، يُعد أقل تكلفة، إذ تصل تكلفة اللتر إلى نحو 20 جنيهًا، وهي تكلفة أقل بكثير من المبيدات الكيميائية التي قد تبلغ 60 جنيهًا للتر. ومع التصنيع على نطاق أوسع، نتوقع أن تنخفض التكلفة إلى نحو 12 جنيهًا، وهو ما يوفر عبئًا اقتصاديًا كبيرًا على المزارعين.
ما أبرز التحديات التي واجهتموها خلال تطوير المنتج؟
أحد أبرز التحديات كان الوصول إلى التركيبة المناسبة للجسيمات النانوية، من حيث درجة الحموضة واللزوجة والتجانس. تطلب الأمر منا ما يقارب ثلاثة أشهر من التجارب للوصول إلى تركيبة فعّالة ومستقرة، سهلة الاستخدام وفعالة في الرش الزراعي.
هل جرت تجارب ميدانية موسعة؟
نعم، حاليًا نقوم بإجراء تجارب حقلية في محطتين زراعيتين للتأكد من كفاءة المبيد في ظروف الزراعة الواقعية. هذه الخطوة أساسية للحصول على الموافقات الرسمية، ونتوقع الانتهاء منها خلال الفترة القريبة القادمة.
هل توجد خطط للتصنيع أو التعاون مع جهات رسمية أو خاصة؟
نسعى حاليًا إلى التعاون مع مصانع مختصة بإنتاج المبيدات العضوية، ونبحث عن دعم من صناديق التنمية الزراعية والمؤسسات المعنية، لتغطية تكاليف التصنيع والتسجيل القانوني، والتمهيد لمرحلة الإنتاج التجاري.
حدثنا عن أبرز الجوائز والتكريمات التي حصلتم عليها خلال مسيرتكم.
بحمد الله، حصلت على أكثر من 40 براءة اختراع دولية مسجلة في هيئات مرموقة مثل الجمعية الأمريكية للمهندسين الميكانيكيين، والمنظمة العالمية للملكية الفكرية، وهيئة الأمم المتحدة. كما نلت عدة ميداليات ذهبية وفضية من معارض عالمية في جنيف والصين والكويت. وكان من أبرزها جائزة “أوسكار الأمم المتحدة للمخترعين”، والتي أتشرف بكوني المصري الوحيد الحاصل عليها حتى الآن.
ما الرسالة التي تود توجيهها في ختام هذا اللقاء؟
الابتكار لم يعد ترفًا، بل أصبح ضرورة ملحة. الاستثمار في العقول الشابة وتوفير بيئة داعمة للبحث والتطوير هو الطريق نحو تنمية مستدامة واقتصاد قوي ومجتمع مزدهر. نملك في مصر طاقات هائلة، تحتاج فقط إلى من يفتح أمامها الأبواب.